المحافظة التأریخیة لکرمنشاه کسائر مناطق بلدنا القدیم، إحتفظت بآثار من زمن مجد و عظمة إیران في صدور جبالها و سهولها الفسیحة. علی خلاف سائر مناطق من إیران تمت الإقامة بها في برهة زمنیة خاصة فالإقامة بهذه المحافظة کانت في أدوار مختلفة من التأریخ و بشکل دائم. تحکي الشواهد و المستندات لعلم الآثار أن هذه المنطقة کانت تعتبر من أول المحمیات للإنسان الأولي و کانت تعد إحدی المراکز الرئیسیة للسکان في زاغروس الأوسط. إجتازت کافة مراحل و أدوار عیش الإنسان من عصر الحجر حتی أدوار الحضارة قبل التأریخ ثم حتی إقامة الدول الکبیرة سیر تطورها في هذا النطاق؛ حیث إن کهف الصیادین في بیستون یکشف عن ملاحظات طریفة عن خلفیة عیش الإنسان في العصر الحجري في إیران. بعد هذه الفترة قبل تسعة آلاف عام من أجل حرارة الجو، ترک الإنسان الکهف و مال إلی السکونة فأدی هذا الأمر إلی الزراعة و تربیة المواشي و علی إثره السکونة في القری و بلا أی شک تم إنشاء أول القری في هذه المحافظة یمکن أن یشار إلی گنج دره هرسین، غاکیة و تپه سراب. الأناسي قبل التأریخ في گنج درةهم من أول أناسي إخترعوا الخزافة في إیران و إتجهوا نحو الأنشطة الصناعیة.
في الألف الرابع قبل المیلاد کانت محافظة کرمنشاه إحدی المراکز الهامة التجاریة و کان یقوم تجارها بالصفقة و تبادل السلع مع تجار شوش و بین النهرین. تواجد أسواق في غودین کنغاور و جغاکاوانه في إسلام آباد الغربیة دلیل علی هذا الأعاء.
إستنادا إلی النقوش البابلیة و الآشوریة کان سکان زاغروس من أقوام لولوئیة و غوتیة. هذا الشعب الدؤوب و المجد و الشجاع کانوا علی حروب متواصلة مع سکان بین النهرین للمحافظة علی هذه الخطة حیث نالوا بعض إنتصارات باهرة في هذا الأمر و بعد ذلک کانت وادي زاغروس طوال قرون مرکزا للحضارة و الحکومات الإیرانیة و بین النهرینیة و أخیرا هیمن العنصر الإیراني حضارته علی هذه الدیار. یدل علی هذا الموضوع تواجد نقوش مجسمة لهذه الأقوام في سر پل ذهاب و التي تعتبر من أقدم النقوش المجسمة للشرق الأوسط.
منطقة کرمنشاه من أجل مجاورة دولة الآشوریین کانت عرضة لهجوم الدولة المقتدرة الآشوریة دائما و ملوک مثل تیکلات بلیسر، شلمانصر الثالث قاموا بحشد قواهم و الهجوم العسکری إلی نطاق کرمنشاه. في النقوش المتبقیة من الآشوریین تم ذکر بلاد بارسوا، زکروتي، الماد و بلاد نیشاني. کان یطلق نیشانی إلی حوالي کرمنشاه و ماهیدشت الحالي و کان شهیرا لتربیة و إقتناء الخیول من أجل مراتعها المشهورة. تم ذکر مدینة بإسم إلی بي في الکتاب السنوي الآشوري حیث إن المؤرخین میزوه بین کرمنشاه و همذان و البعض الآخر من المؤرخین قاموا بتعریفه في المکان الحالي لکرمنشاه.
مع إقامة الحکومات کانت تعتبر هذه الخطة إحدی المراکز المادیة و بقیت تذکارات قیمة من هذه الفترة کحصن غودین في کنغاور. في هذه الفترة کانت کرمنشاه إحدی الطرق الرئیسیة الحیویة في إیران و کانت تعبر طریق إکباتان إلی بابل من هذه المحافظة.
في فترة الهخامنشیین، مع مرور الطریق الشاهي و الذي کان فرع منه یوصل إکباتان إلی بابل أضیف إلی نضارة و عمران هذه المنطقة. بعد إنقراض الهخامنشیین في الفترة السلوکیة کانت مناطق من کرمنشاه کبیستون و دینور محلا لحضور المستعمرات الیونانیة فما لبث طویلا أن الأشکانیین هزموهم و حضروا بهذه المنطقة فتدل النقوش المجسمة في بیستون علی هذا الموضوع. في هذه الفترة کانت تعتبر بیستون إحدی المراکز الهامة في الفترة الإشکانیة. محافظة کرمنشاه في الفترة الساسانیة کانت تتمتع باعتماد و إنتعاش أکثر من أی فترة أخری. هذه المنطقة حظیت بإهتمام الملوک الساسانیین و من أجل قربها إلی تیسفون عاصمتهم، کانوا یمضون أیام الصیف في قصورها الصیفیة. قد جاء في أخبار المؤرخین الإسلامیین بمرات أن خسرو الأول قام بإنشاء قصور في مناطق طاق بستان و کان یقوم بضیافة فغفور الصین و رای الهند و الإمبراطور الروماني و سائر حکام الدهر بها. مع إنشاء مدن کالحلوان في هذه المنطقة و سیاسة إنشاء المدن لدی الملوک الساسانیین في غرب البلد أدی هذا الأمر إلی تأسیس مدینة کرمنشاه، فازداد إعتبار هذه المنطقة أکثر من قبل و الملوک الساسانیین بإنشاء جسور علی الأنهار و الأبنیة العامة أتوا بازدهار إقتصادي لأناس هذا البلد.
مع إنهزام السامانیین بید المسلمین، کان أناس هذه المنطقة علی خلاف بعض المناطق الأخری من أول الناس الذین آمنوا بدین الإسلام المقدس و قاموا بنشره.
مسجد عبدالله بن عمر في ریجاب من أقدم مساجد صدر الإسلام و تذکار من ذلک الوقت. قد بقي من تلک الفترة مقبرة من أصحاب النبي (ص) الأوفیاء و الذین کانوا ینصرونه في الغزوات یمکن أن تشار إلی مقبرة أبي دجانة في ریجاب. في فترة الخلفاء العباسیین کانت کرمنشاه إحدی المدن الأربع الهامة معتبرة لإیالات الجبال. کان یهتم هارون الرشید الخلیفة المعروف العباسي بهذا البلد إهتماما خاصا بحیث یذکر السیاح من عمران و جمال هذه المدینة.
یذکر إبن حوقل و إصطخری من مدینة کرمنشاه کقضاء جمیلة تملک أشجارا و میاه وفیرة. یقوم المقدسي بتعریف هذه المدینة مع مدن همذان، ري و إصفهان واحدة من أربعة مدن معروفة لولایة الجبال.
في القرن الثالث للهجرة کانت تقع کرمنشاه في نطاق حکومة الصفاریین. في القرن الرابع إستقلت بالحکم سلسلة صغیرة من الأکراد بإسم الحسنویة في الولایات الغربیة. حکم المؤسس لهذه السلسلة و هو الحسنویة الذي یکون أشهر هذه الأسرة أیضا حوالي خمسین عاما و جعل مقره قلعة سرماج الکبیرة. في عام 441 أرسل سلطان طغرل السلجوقي جیشا من مائة ألف جندی لإحتلال قلعة سرماج حیث إنه نجح في السیطرة علی هذه القلعة بعد أربعة أعوام. في القرن السادس الهجري جعل سلطان سنجر السلجوقي، کرمنشاه و توابعها في نطاق حکم إبن أخیه سلیمان شاه الملقب بـ«أبوه». في القرن السابع للهجرة لقیت کرمنشاه أضرارا جسیمة ناتجة عن هجوم المغول کمناطق خراسان و سائر المناطق في إیران حیث إن جیوش هولاکو أسفروا عن قتل و سلب فضیح ولکنه في أواخر عصر الإیلخانیین في زمن حکومة أبی سعید حظیت هذه الخطة بإهتمام بحیت تم إنشاء مدینة سلطانیة جمجمال بالقرب من بیستون. في هذه الفترة کما أشار إلیه حمدالله المستوفي کانت کرمنشاه إحدی الإیالات الست عشرة لکردستان.
في القرن التاسع و أوائل القرن العاشر للهجرة إعتدی العثمانیون علی کرمنشاه. کانت هرسین و ماهیدشت في هذه الفترة مسیطرة علی الحکم ولکنه لا یوجد إسم من کرمنشاه.
في زمن الصفویة حصلت کرمنشاه علی أهمیة فائقة و إعتبار. تم تشکیل حکومة بإسم کلهر في زمن سلطنة شاه طهماسب الأول و حکومة بإسم سنقر و کلهر في زمن شاه صفي في هذه المناطق و تم تفویضها إلی أمراء زنکنه. في الواقع تبدأ من هذا الزمن إعادة بناء کرمنشاه و تشکیل الولایة الحالیة.
متزامنا مع هجوم أفغان و سقوط مدینة إصفهان ، واجهت کرمنشاه إعتداء العثمانیین آخذة في الدمار مرة أخری. في زمن حکومة الزندیة لم یعتنق أمراء زنکنه و أهالي کرمنشاه بحکم کریم خان في البدایة فواجه کرمنشاه حصارا و دمارا لفترة ما. في عهد قاجار حظیت کرمنشاه بإهتمام و إعتبار. ولی فتحعلی شاه بعام 1221هـ. ق أحد أبنائه باسم محمد علي میرزا دولتشاه حاکما علی العراقین و ضم لحکمه إیالة خوزستان أیضا و تحولت کرمنشاه في هذا الزمن إلی قاعدة نظامیة مزودة ضد الدولة العثمانیة.